شعرت برغبة قوية في القراءة نظرت فوق الأرفف
كنت ابحث عن قصة ..لكن مختلفة عن كل ما قرات ..توجهت لاحد الأرفف كتب عليه (قصص منوعة)
مررت ببصري على اغلفة الكتب باحثة عن قصتي ..مررت سريعا عليها للوهة الاولى ...لم تكن ذو غلاف جذاب لكن أعجبني العنوان
لم اتردد واخذتها
دائما ما احب ان انظر الى الصفحة الاخيرة من كل كتاب لكن لم اجد داع لذلك ففي كل الاحوال سآخذها
في المساء عدت الى غرفتي وجدتها موضوعة بعناية على طرف السرير كما تركتها منذ الصباح
ابتسمت لها فدائما ما اسعد بالمغامرة الجديدة
تحسست الغلاف ..يبدو انه صنع بعناية ..فتحت الصفحةالاولى...
وخطوت اولى خطواتي داخل صفحات القصة...سرت بحذر... أتحسس خطواتي على الأسطر ...تبدو منمقة ...ومتناسقة
أعجبني الخط الواضح في الكتابة..نظرت خلفى لاطمئن ان الغلاف السميك لازال مفتوحا ...وجدته مسترخيا باسطا ذراعيه على جانبي صفجات القصة..فشعرت بالامان ....وأكملت القراءة
أخذت نفسا عميقا ....واغلقت عيني للحظة ومشيت متتبعة الكلمات التي تكتب بهدوء على الأسطر ..واحدا تلو الاخر..داخلى احساس هادئ ...بالمجهول..
احساس يشبه يوم من ايام الصيف الهادئة مع نسمات باردة رقيقة تمر بين خلايا وجهي وتداعب خصلات شعري الهاربة من ضفيرة لم انهي جدائلها للنهاية....
لم اعي في البداية سوى تلك الابتسامة على وجهي ..الذي انعكس ضيها في بريق عيني ..لتضيء الطريق أمامي.
واكملت القراءة......
كتبت بعض الكلمات القوية بعناية وخط واضح مشيت فوقها وانا اشعر بالأمان...
احيانا كنت اجد حروفا مبعثرة فأجمعها وأرتبها في شكل منسق وجميل لأكمل بها أحداث القصة...واحيان اخرى اجد كلمات ينقصها حرف او اكثر ...أبحث في جيبي عن أحد الحروف المبعثرة لأكملها فيتضح المعنى
وجدت سطرا ناعما من الكلمات الرقيقة اتخذته كفراش لي لاستريح عليه ...
عندما يحين السطر الأخير في الصفحة ..أعود أدراجي لقراءة السطور من جديد بشكل تصاعدي ..ضاحكة من قراءتي للأحداث بشكل مقلوب .... حتى يغلبني النعاس واستلقى تحت اكثر الكلمات دفئا لتقيني برد السطر الاخير....
أتنقل بين الاسطر والصفحات........
وانتقلت لصفحة تالية (جهة اليسار)...
في بداية تلك الصفحة استشعرت صلابة الغلاف تحت قدمي ...للحظة شعرت بدهشة ..
-كيف و انا في خضم الاحداث ولازال هناك المزيد؟
لم اهتم اكملت سيري مع الكلمات وهي تكتب ...راسمة الطريق امامي
في بداية السطر الثاني كتبت كلمة باردة بعثت القشعريرة في جسدي.........برودة لم اعتدها في الصفحات السابقة
-لعلها بداية فصل جديد في القصة؟
فجاة تعثرت قدماي و كدت ان اسقط
لكني في اللحظة الاخيرة تعلقت في الحرف الاخير من كلمة لم تكتب كاملة وترك نصف السطر فارغا...
جلست لدقائق لاستعيد انفاسي....
-لعل الحبر قد نفذ؟
التفت الى القلم وجدته مستلقيا بين الصفحتين كما كنت اجده دائما حين تنتهي الصفحة ...لمست السن بيدي فتلتخطت بلون الحبر ..
عدت مرة اخرى للسطر الاول من الصفحة الأخيرة ووصلت للسطر الثاني وسرت بحذر وترقب وأحسست بلسعة باردة لم افهمها
-حسنا سانتظر
حتى اني لم اشعر برغبة في ممارسة هوايتي في تسلق السطور عكسيا
-طال النتظار
فكرت في القفز من السطر الثاني لاسفل الصفحة لكني ساتعرض للأصابة
والانتظار سخيف
قضيت وقتا لا ادري كم ذهابا وايابا في السطرين الاخيرين محاولة البحث بينهما عن كلمة مفقودة أو حرف ضل طريقه ...
-لم اجد شيئا
جلست قليلا لاستريح بين السطرين ..فلمحت انعكاس حروفا لكلمات في الصفحة التالية..
- هل هي حقيقية ام من خيالي ؟
- كيف ساصل اليها ان لم أصل لنهاية الصفحة ؟
- وكيف سأصل بدون سطور لاسير عليها؟
استجمعت قواي وحملت القلم ورسمت خطا ممتدا من آخر كلمات السطر اثاني لنهاية الصفحة ...ورسمته مستويا قدر المستطاع لاصل بسرعة لأسفل...
وقلبت الصفحة
لاول مرة أجد الأسطر كلها مكتوبة كاملة قبل ان اصل الى الصفحة
-كل الأسطر مكتوبة!
وبنظرة سريعة شعرت ان الخط اختلف عن باقي الصفحات السابقة
قبل ان اخطو على السطر الاول القيت ببصري على الصفحة المقابلة فلم تكن هناك اي صفحات ...فقط رقم الايداع وحقوق الطبع على غلاف صلب ذولون لم أميزه
سارعت دقات قلبي خطواتي الحذرة فوق الكلمات
كان الخط رديئا جدا ذو شكل مدبب كالاشواك احيانا ..حاولت تفاديها ....لكن لا مفر
وأحيان اجد سطرا متعرجا يصعب السير عليه
وامتلات السطور بالفراغات بين الكلمات التي كدت ان اسقط فيها اكثر من مرة
اتامل برهة وأفكر ..
- هل هي نفس القصة؟ أم ورقة مدسوسة من كتاب اخر؟
أتلمس سطح الورقة
- نفس الملمس ونفس القصة
انها ورقة ملتصقة بباقي الصفحات داخل نفس الغلاف
وصلت للسطر الاخير وقد انهكت قواي ونال مني التعب والحيرة منالهما
ونمت من شدة الاجهاد
حين افقت ضمدت جراحي من اشواك الكلمات ذات الحروف المدببة
وأخذت نفسا عميقا
(فلم أرد أن تتملكني الحيرة أكثر من ذلك فلكل قصة نهاية ,ولابد من المرور بها سواء رضينا أم جزعنا )
وحملت القلم بكل ما أوتيت من قوة
وكتبت في المساحة الصغيرة في نهاية الصفحة بعناية وتأن تام ...ثلاثة احرف.
-تـمـت-